ملحمة إنقاذ في الطابق الـ 12.. رجال الإسعاف يصنعون معجزة في فيصل لإنقاذ أم وجنينها

مشهد مهيب شهده حي فيصل السكني بمحافظة الجيزة صباح أمس، لسلم هيدروليكي ضخم يجاوره مركبة إسعاف يهبط حاملاً سيدة بداخله من الطابق الثاني عشر، مشهد يحبس الأنفاس أعاد إلى الأذهان صور الملحمة التي سجلها رجال الدفاع المدني والإسعاف المصري أثناء حريق سنترال رمسيس.

مكالمة للخط الساخن 123 التابع لهيئة الإسعاف المصرية كانت كفيلة بإعلان حالة الطوارئ بهيئة الإسعاف المصرية والشرطة المصرية ممثلة في إدارة الدفاع المدني والمرور، حيث حملت الاستغاثة عبارة مقتضبة حول سيدة حامل تعرضت لنزيف حاد وتقطن بعقار سكني بحي فيصل بالطابق الثاني عشر صباح أمس، لتنطلق على الفور مركبة إسعاف كود 2893 والمتمركزة بنزلة السمان صوب موقع الاستغاثة، وهي تحمل على متنها المسعف عبد الرحمن محمد أبو شوشة وزميله فني قيادة مركبة إسعاف أحمد أمين محمد.

وفور وصولهم إلى مكان الاستغاثة، استقبلهم رجل وزوجته تكسو ملامح وجهيهما علامات القلق والتوتر، وبكلمات متسارعة طلبا من رجال الإسعاف إنقاذ ابنتهما الحامل التي تعرضت لنزيف حاد، واختتما كلماتهما بعبارة: "الحقوها، إحنا معرفناش ننزلها، والأسانسير عطلان". ليستل المسعف حقيبته ويسرع هو وزميله صوب سلم العقار، وبشكل عفوي يبادراً الأب بسؤال: "نطلع الدور الكام؟" لتأتي الإجابة برقم زوجي صادم: "إحنا في الدور الـ12". على عكس المعتاد، كان رقم الطابق أشبه بالمحفز الذي أفرز جرعة أدرينالين في جسد رجال الإسعاف، فحثوا الخطى بوتيرة متسارعة وعقولهم تعمل بوتيرة أسرع لتدارك تبعات النزيف الذي طال تلك الأم التي تنتظر جنينها بفارغ الصبر.

دفعة الأدرينالين التي سرت في جسد رجال الإسعاف لم تخمد فور وصولهم للسيدة التي كانت تعاني من اضطراب تام في كافة علاماتها الحيوية جراء ما فقدته من دماء، ليتضح أنها حامل في طفلين في الشهور الأولى من الحمل، وتعرضت لنزيف حاد مفاجئ. ليبدأ المسعف بشكل فوري في إمداد السيدة التي خارت قواها تمامًا بجرعات من المحلول، وفي نفس التوقيت بادر بالتواصل مع غرف القيادة والتحكم ليطلعهم على تفاصيل الموقف والذي يتعذر معه تحريك السيدة لوجود خطورة عليها وعلى الأجنة، في ظل تعطل أسانسير العقار، وضرورة توفير دعم وإسناد بشكل عاجل لإنقاذ تلك السيدة.

من خلال أجهزة اللاسلكي التي تربط غرف القيادة والتحكم بقطاع النجدة التابع لوزارة الداخلية، تم طلب توفير إسناد ودعم من رجال الدفاع المدني للتدخل وإنزال تلك السيدة من البرج السكني، مع التأكيد على دقة الظرف وحساسية عنصر الوقت.

في غضون دقائق معدودة، احتشد أسفل العقار العشرات من رجال الدفاع المدني يصاحبهم أفراد من رجال المرور، وفي ثوانٍ معدودة بدأ سلم المطافي الهيدروليكي بشق طريقه لعنان السماء صوب الطابق الثاني عشر.

"خلية نحل"، ذلك كان التشبيه الأقرب لمشهد العمل داخل الشقة وتحديدًا بجوار السيدة، رجال الدفاع المدني ورجال الإسعاف أخذوا يتشاورون في أفضل سيناريوهات تحريك السيدة لإنقاذها، والتي بدأت تسترد بعضًا من عافيتها في أعقاب إمدادها بالمحلول ونجاح رجال الإسعاف في خفض حدة النزيف. لتنطق في أعقاب ذلك بمناشدة مقتضبة للمسعف عبد الرحمن لإنقاذها وإنقاذ أجنتها التي تحملهم في أحشائها، وهنا بدأ المسعف عبد الرحمن في بث رسائل الطمأنينة والثقة للسيدة بأن رجال الإسعاف والدفاع المدني احتشدوا لنجدتها وأنها في أيدٍ أمينة.

واستقر الرأي في نهاية المطاف على نقل السيدة لسطح العقار، حيث تكفّل ضباط الدفاع المدني بمصاحبة السيدة في رحلة قصيرة لمن يقف موقف المتفرج، وطويلة جدًا على من يخوضها.

وقبل رحلة السيدة صوب الشارع، أخذ المسعف يحثها على تنظيم تنفسها وعدم القلق نهائيًا، وأنها ستجده أمامها فور ملامسة السلم لأرض الشارع، وبالفعل فور ملامسة درجات السلم الهيدروليكي لعتبات الشارع، اندفع الجميع في حمل السيدة صوب سيارة الإسعاف، حيث تم متابعة علاماتها الحيوية عبر جهاز المونيتور بشكل لحظي خلال رحلتها صوب مستشفى الهرم، حيث تم إيداعها طوارئ النساء بشكل عاجل.

وعلى خلاف البداية التي كانت مشوبة بقلق الأهل وتوترهم، جاءت النهاية محملة بكلمات الشكر والدعوات لرجال الإسعاف المصري ورجال الدفاع المدني على ما قدموه تجاه تلك السيدة المصرية التي تقطعت بها السبل في ظل الظرف الصحي الدقيق.

شارك هذا المقال

تعليقات المقال